الإيمان والانسان الحلقة الاولى لماذا يؤمن الانسان ؟ وهل الايمان شيء سيء؟


لماذا يؤمن الانسان ؟ وهل الايمان شيء سيء ؟ هل الايمان شيء ضروري ؟ هل الملحد يؤمن ؟
ساحاول الاجابة عن هذه الاسئلة وغيرها , ولكن بداية لا بد من تعريف ماهو الايمان ومن اين جاء .

الايمان هو التسليم  بحقيقة امر ما جزما او اعتقادا دون دليل , وينتج عنه في الغالب اتخاذا قرارات دون 
الحصول على معلومات ومعطيات كافية بسبب عدم توفرها , وفي بعض الاحيان بسبب عدم الرغبة 
في توفيرها , والشيء الملفت انه دائما ما تم الربط بينه وبين الخوف , وتحذير من لا يؤمن من العواقب 
الوخيمة لفعلته , بل وحتى اعتبارها فعلة شنيعة .


الايمان بان لكل حادث محدث هو شيء عادي ولا خلاف عليه , لكن الغريب اعتبار ذلك المحدث كائن ذو ارادة  
مع انه ليس بالضرورة ان يكون كذلك قد يكون امرا طبيعيا ايضا , والاغرب من ذلك ربط الخوف بذلك 
الكائن فإما ان تؤمن بوجوده والا فان نهايتك ستكون وخيمة .


في الوقع هذا الربط الغريب بين هذه الامور , هو ما دفعني الى التساؤل والبحث عن حقيقة واصول الايمان ,
ولا اخفي عليكم ان البحث لم يكن بالامر السهل , وساخذكم معي برحلة الى الماضي السحيق لنكتشف 
الامر سويا .

قبل حوالي ثلاث ملايين سنة كنت جماعات انسان الافرانزيس (Australopithecus afarensis)
المنتصب القامة تكافح من اجل البقاء وسط الاعشاب في افريقيا  , 
عندما تلاحظ الجماعة حركة بين الاعشاب فهي اما امر طبيعي لاارادي كالرياح , واما حيوان ذو ارادة مفترس ,
في كل مرة اعتقدوا انها الرياح , وتبين لهم انها حيوان مفترس اصبح احدهم طعاما , وتلقى الاخرون درسا مع 
كمية رعب تكفي ليتذكروه حتى مماتهم .


وخلاصة الدرس ان تؤمن بان وراء كل حركة محرك , وليس فقط محرك بل محرك مخيف ذو ارادة , ومن 
لا يؤمن بوجوده ستكون نهايته وخيمة جدا .

الحركة بين الاعشاب لا بد ان من مسبب اما المسبب نفسه فياتي بنفسه , والامر غير مهم له اساسا بقدر 
النجاة بالنفس منه , وتم استبعاد المحرك الطبيعي تماما , فان كانت الريح وهربت فلن تخسر شيئا , 
ولكن ان كان المفترس يعني راحت عليك .
تكرارا هذا الامر بشكل دائم , جعل ذلك الانسان يطور نزعة تجلت في اتخاذ قرارات حاسمة بمجرد الاحساس , 
وبدون معطيات كافية عنها لان المفترس لن يعطه فرصة ثانية , وصار اي سبب يجعله يؤمن بان خلفه مسببا ذو 
ارادة ويجب الخوف منه ,



خلال الملايين الاحقة من السنين , كان نصيب من حصل على تلك النزعة اكبر في الاستمرار والتكاثر , الى ان 
تم ايصالها بامانة الى الهومو سابيان اي الانسان الحالي . 

جماعات الهومو سابيان ذو المخيلة من بقي منها في افريقيا , استمر في رؤية المفترس المخيف فلم يسبح في  
الخيال كثيرا , عكس ما فعل اخوته الذين تركوا افريقيا وبدؤا يعيشون في تجمعات مدنية بعيدة , 
الاجيال الاحقة من اولائك المهاجرين ورثت النزعة الايمانية , ولكنها لم ترى المحرك المخيف فقامت باختراعه ,
واطلقت العنان لمخيلتها في وصفه , من هنا من يقول ان اصل الايمان هو التوحيد فهو محق .
وحتى يومنا هذا مازات تلك النزعة موجودة عند الاطفال , فالاطفال يخافون من البعبع حتى من ولد منهم بشقة
في مدينة ليس فيها حيوان اكبر من صرصار .


التعددية جاءت بعد جمع الايمان مع البارادوليا فعندما رائ الانسان الوجوه والاشكال في الطبيعة وفي القوى 
الطبيعية , وضع خلف تلك القوى محركات ذات ارادة و وبداء يسترضيها ويروي عنها الاساطير .
ونحن جميعا نتحدر من هؤلاء وقد ورثنا تلك النزعة وتفلسفنا به ولكنها ما زالت كما هي وراء كل سبب مسبب 
ذو ارادة ويجيب الخوف منه والا ستكون النهاية وخيمة , والسبب جاء لوحده , تماما كما آمن اجدادنا .


في المقابل هناك نسبة قليلة ممن اعتقدوا ان الحركة كانت بسبب الرياح , وكانت فعلا هي الرياح بالتالي 
استمروا وتكاثروا ,
وقد اثبتوا وجودهم  وكانوا يحذرون الاخرين في كل مرة حاول انتهازي فيها السيطرة عليهم , مستغلا النزعة 
الايمانية ومع الاسف لقي معظم هؤلاء حتفه على ايدي من حاول تحذيرهم ,
ولكنهم صمدوا وها هم  الان هنا وبمساعدة العلم الحديث , يسحبون البساط رويدا وريدا من تحت ضيف حل ثقيلا 
على البشرية وما زال كذلك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة