الخلية الاولى 1
الخلية الاولى هي احدى طلاسم الوجود واحدى الحجج القوية التي تستعمل
من قبل المؤمنين على اثبات وجود اله رغم ان كلاً منهم يدعي ان الاهه هو الذي
خلقها وان الباقين هم واهمين او جاحدين وان ذلك الاله سوف يحاسبهم على ذلك
الكثير من المؤمنين يخلط بين التولد التلقائي Abiogenesis وبين التطور evolution
المشكلة هي ان التطور والتولد التلقائي يتعارضان مع الادراك العقلي وهو فخ يقع فيه العامة من الناس دون
النخبة .
الانسان العادي يُدخل الله في كل شيء بشكل مباشر , لانه عاجز عن تخطي عقدة الادراك العقلي ,
اذ ان كل مركب معقد لا بد له من صانع , لذا فهو دائما ما يساوي بين الانسان والسيارة ,
ولا يكلف نفسه بالبحث فالله يفعل كل شيئ .
النخبة من المؤمنين لا تقع في هذا الفخ , ولا تدخل الله في العملية بل تظهره يعمل كمرشد للمادة يعمل
من بعيد , وهم قليلون جدا في المشرق العربي ,
وفي المقابل هناك ايضا من يعتقد ان كل شيء قد حصل بالصدفة , ولا يكلف نفسه البحث ايضا.
في الواقع من يقول ان كل شيء هو محض صدفة , عليه ان يفسر لنا وجود التعقيد .
ومن يقول ان هناك مصمم عظيم عليه ان يفسر وجود الهفوات .
نحن كملحدين لا نعتقد بان هناك خالق ولا نقول انها صدفه لماذا ؟
هناك اشياء جميلة في هذا الكون او معقدة ولكنها ليست من صنع صانع وليس صدفة بل حتميات فيزيائية
مثلا:
فقاقيع الماء : انه لمن المستحيل ان تتركب جزيئات الاوكسيجين والهيدروجين لتكون فقاعة بالصدفة ومن غير
المعقول ان الله يقوم بصنعها بنفسه واحدة واحدة
وكذالك قوس القزح جميل جدا ولكنه ايضا ليس صدفة وليس مصنوع من قبل صانع
الحياة مرت بمرحلتان اولا التقعد الكيميائي , ثم التطور البيولوجي , جميعنا نعرف التطور بغض النظر صدقناه
لم نفعل .
التعقد الكيميائي يسببه وجود لان الارض قرب الشمس
الشمس تصب الطاقة في الارض باستمرار بالتالي التعقد حتمي ومسموح به حسب القانون الاول للثرموديناميك
شرط عدم تجاوز كمية الطاقة المستوردة
إن تناول
- الكثير من المؤمنين لا يعرفون اي شيء عن العلم الذي يتناول بدا الحياة مع انهم يدعون ذلك ,
ومن يقول انه يعرف ومتأكد ان الله خلق الحياة عليه ان يشرح لنا الامر بالتفصيل,
ولا يكتفي بان يقول لنا انها معقدة, كما قال لنا ان السيارة تعمل بالوقود سابقا,
ويا حبذا لو يضع كلاما علميا في كتاب ينال عليه نوبل وينال رضى الاله الذي اثبت وجوده.
- اما من الناحية الاخرى فهناك علماء يقومون بجهود جبارة في هذا الموضوع,
ونحن عادة ننتظر نتائج ابحاثهم, ونقرأ الكتب التي يكتبوها للعامة (اي للناس عاديين)
عن اصول الحياة وهم اكثر قدرة على معرفتها من اي رجل دين او فيلسوف .
- التصور العام للحياة انها بدات على الارض , الا ان هناك مركبات جاءت بها النيازك
من الفضاء وبالتالي فهي اقدم مما كنا نتصور , وحل لغزها فيه مشكلة فيزياء وكيمياء .
- مشكلة الفيزياء والفيزيائيين في البحث عن اي شيء هي اصل المواد , اي من اين جائت المادة ؟
ومشكلة الكيميائيين في الخلية هي التعقيد ,اي من اين جاء التعقيد او التعقد؟
بالنسبة للمشكلة الاولى فانها قد حُلت , لان جميع المواد التي تتألف منها الخلية الاولى موجودة
في الطبيعة, واصبحت شبه معروفة من قبل الجميع .
اما المشكلة الثانية فهي موضوعنا اليوم
الخلية الحية في منتهى التعقيد , حرفيا يمكنك القول انها اكثر تعقيدا من طائرة ركاب تجارية,
لذا فان احتمال تكونها بالصدفة, بعد رميك للمادة على الارض هو نفس احتمال تتكون طائرة
ركاب من رميك للقطعها في الهواء, ومن يقول انها ممكنه انا اتبرع له بثمن القطع وليرينا مهارته.
اذا لما نحن ملحدين لماذا لا نعترف ان الله خلقها وخلاص ,الحقيقة انني لا استطيع ان اجيب عن
الاخرين انما اجيب فقط عن نفسي , وساشرح الامر بالتفصيل.
1 لدينا بين ايدينا اليوم مركبات معقدة عديدة ومنها ويندوز8, من المستحيل على بيل غيتس او غيره ان يقوم
بعمل نظام بهذا التعقيد مرة واحدة, ولكن اذا نظرت الى المكان الذي بدا منه وهو الابسط اي نظام دوس
ثم ويندوز 3/11 ثم 95 ثم 98 ثم ..الخ ستجد ان الامر مقعولا جدا
وفي نفس الوقت اذا نظرت الى الخلية الحية اليوم فانها تبدو مستحيلة ولكن متابعة تطورها من البروتين ,
الى الخلية الاولى الاحادية البسيطة نسبيا, يجعل الامر اكثر منطقية خصوصا انه نتيجة تراكم استغرق
2 القول بان الله خلقها لا يحل المشكلة بل يغير اتجاه البحث فقط, من اين جاءت الخلية الى من اين جاء الله,
لانه اذا كان تكوُّن منظومة معقدة كالخلية من مواد معروفه بطريقة تراكيمة على مدى مليارات السنين مستحيلا,
كيف سيكون معقولا احتمال ان تتكون منظومة اكثر تعقيدا بالصدفة في لحظة من لا شيء, وهي منظومة الخالق
العظيم الجبار الذي يغضب اذا دخلت الحمام برجلي اليمين,
من ناحية اخرى نحن لم نصل الى النقطة التي تقول بان الابحاث قد انتهت, لان العلم مازل يتطور ,
3 عندما يرصد العلماء كوكبا جديدا, فانهم بكل بساطة يبحثون عن المياه ليعرفوا
اذا كان فيه حياة ولا يبحثون عن الله او الملاكة والعفاريت.
4 هناك فرق بين الطائرة والخلية الحية, وهو ان الطائرة مركب فيزيائي غير موجود في الطبيعة
ونحن لم نرى مساميرا او براغي في الصخور, ولم نرى حيوانات بمحركات نفاثة.
اما الخلية الحية فمركباتها موجودة, وحتمي نشوؤها في اي نظام مفتوح,
انما يكمن السر فقط في الكيفية التى تجمعت بها مع بعضها, وامكانية تكرارها في المختبر.
5 حدوث التعقد في اي نظام مفتوح هو حتمي حسب قوانين الثرموديناميك
الشمس التي هي نظام مغلق ذاهب الى الفناء, وهي تجعل الارض نظام مفتوح لانها تصب الحرارة فيها
بشكل مستمر , بالتالي فان التعقد يحدث بشكل مستمر ولا ينتهي الا بموت الشمس, لان لاحياة بدون شمس
- سابسط الموضوع اكثر بمثال صغير وهو النار وقدر الطعام ,
النار نظام مغلق شبيه بالشمس وكونها مشتعلة فانها تحول كتلتها الى طاقة تصبها في كل الاتجاهات,
وهي ذاهبة الى الفناء الا اذا اضيفت اليها مواد جيدة وهذا لا يحصل للشمس,
قدر الطعام هو نظام مغلق في حال موت حراري اي ان حرارته متساوية مع محيطه وليس فيه اي حركة
اذا وضعنا قدر الطعام على النار فان التغيير فيه سيبدا , لاننا بذلك حولناه الى نظام مفتوح يتلقى الحرارة
من نظام اخر, وكلما زاد حجمه وتنوعت المواد فيه كلما كان التغيير اكثر تعقدا, ولن يتوقف بإطفاء النار تحته
وهذا ما يحدث للارض.
6 بغض النظر عن كل هذا , انا قررت ان اقوم بالتجربة بنفسي , نعم ,اذا كانت الطبيعة العمياء نجحت في تحويل المواد
الى خلية انا سانجح في تحويل الخردة الى طائرة (بقصة وهمية) .
ذهب بعد الدوام الى المكان الذي اجمع فيه القطع القديمة بعد استبدالها , قبل بيعها كخردة ,شغلت الكمرة وبدات العمل على
هدم الالحاد بواسطة جرافة كاتربيلر 966 ضخمة .
في كل مرة كنت اجمع قطع الخردة كنت احصل على كومة خردة, وسط دهشة الحراس الذي ظنوا اني ابحث عن المرح
وفي الواقع انا ابحث عن الله, الى ان تاخر الوقت فاخذت الكمرة معي وذهبت الى البيت لاشاهد ما حصل.
الحقيقة اني لم احصل على الطائرة ولكن هناك شيء مهم جدا لفتني في الفيديو, وهو اني لم احصل على كومة
الخردة الاولى ايضا ,
وفي كل مرة كنت احصل على كومة خردة مختلفة تماما عن الاولى ولو اني كررت المحاولات الى الابد لن احصل
على طائرة ولن احصل على نفس كومة الخردة الاولى, وكانهما متماثلان في التعقيد .
لماذا ؟
الحقيقة ان لماذا هذه هي المشكلة الحقيقة التي تتعارض مع الادراك العقلي عندنا لاننا ننظر الى الامور باستقراء خلفي
نتذكر شكل الشيئ الذي نريد ان نحصل عليه و نتذكرتفاصيله , ونريد الحصول على شيء مماثل له في التجربة,
اي اننا نريد نكون طبيعيا خلية مشابة تماما للتي نتذكر شكلها مسبقا في حين انني عجزت حتى عن الاتيان بكومة خردة
وننتظر من الطبيعة العمياء ان تاتينا بالشكل نفسه مرة ثانية وهذا مستحيل
ولابسط الموضوع فان رجلا اعمى يريد ان اصابة ابن جاره اثتاء وجوده في المدرسة, برصاصة طائشة منه فان احتمال
ان يصيبه بالصدفة ضعيف الى حد التلاشي وسيفشل,
اما اذا كان يريد اصابة اي ولد من اي مدرسة فانه سينجح حتما لانه لم يحدد اي شيئ مسبقا.
تكرار العملية الاولى واصابة نفس الولد مرة اخرى هو مستحيل حتى في الحلم, اما الثانية
فاحتمال نجاحها اكبر من احتمال فشلها.
اذا اعادة انتاج ظروف مشابهة للتي حدثت في السابق سوف تنتج لنا شيئا جديدا في كل مرة قد يكون خلية او لا يكون
ولا بد من التنوية الى انه حتى الخلايا الاولى نفسها لم تكن متشابه بل متنوعة .